منتديات تونسيا.منتدى


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات تونسيا.منتدى
منتديات تونسيا.منتدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجاحظ

اذهب الى الأسفل

الجاحظ Empty الجاحظ

مُساهمة من طرف Dalikovic الأحد 1 مارس - 20:16

هو الجاحظ.‏

اسـمه ونسـبه‏

هو عمرو بن بحر الكناني البصري المكنَّى بأبي عثمان، كان ثَمَّةَ نتوءٌ واضحٌ في حدقتيه فلقب بالحدقي ولكنَّ اللقب الذي التصق به أكثر وبه طارت شهرته في الآفاق هو الجاحظ، وقد بذل من المساعي أعزَّها وأجلَّها كيما يمحو هذا اللقب الذي كان ينفر منه عنه، ولكنَّه عبثاً كان يحاول ذلك الذي لم يؤت له.‏

أما ولادته فلم تعرف بالضَّبط مَتَى كانت، فعلى الرَّغْمِ من أنَّ ياقوت الحموي أورد أنَّ الجاحظ قال: «أنا أسنُّ من أبي نواس بسنة، ولدت في أول خمسين ومئة، وولد في آخرها» فإنَّ هناك من يصرُّ على تواريخ أُخْرَى، فمنهم من ذهب مع القول السَّابق، ومنهم من قال إنَّما ولادته كانت سنة 155 هـ، وجعلها بعضهم سنة 159 هـ، ولكنَّ جلَّ الباحثين قالوا: إنَّ تاريخ ميلاده الصَّحيح هو عام 160هـ أما وفاته لم نجد من يشكَّ في أنَّها كانت بالبصرة سنة 255 هـ /896م.‏

وكما اختلفت أقوال المؤرِّخين في تاريخ الولادة، فقد تباينت الآراء كذلك في تحديد أصله؛ فمن ذاهبٍ إلى أنَّه عربيٌّ صرفٌ من بني كنانة، وكنانة عربيَّة الأصل، ترجع إلى مُضَر، ولذلك نُعِتَ الجاحظ أيضاً بالكناني. وذهب آخرون إلى أنَّه من الموالي، أعجميُّ الأصل أو متحدِّرٌ من الزِّنج. ومهما يكن من أمر مشكلة أصل الجاحظ فإنَّها غيرُ ذاتِ شأنٍ يذكر أو يستحقُّ إثارة البحث فيها هنا على الأقل لأن لهذا الأمر شأناً آخر، ولأنَّ ذلك من ناحيةٍ أخرى لن يغيِّر أو يؤثِّر في شيءٍ، أو أنَّه لن يقود البتة إلى تغيير نظرتنا فيه، فولاؤه للعروبة أشدُّ وضوحاً من الشَّمس في رابعة النَّهار، وانتماؤه إلى العروبة واضحٌ في كتاباته هو ذاته وخاصَّةً منها ما يتعلَّق بردِّه على الشُّعوبيَّة وتفنيد حججهم وادِّعاءاتهم.‏

ثقافته :‏

كان للجاحظ منذ نعومة أظفاره ميلٌ واضحٌ ونزوعٌ عارمٌ إلى القراءة والمطالعة حَتَّى ضَجِرَتْ أُمُّهُ وتبرَّمت به. وظلَّ هذا الميل ملازماً لـه طيلة عمره، حتَّى إنَّه فيما اشتُهِرَ عنه لم يكن يقنع أو يكتفي بقراءة الكتاب والكتابين في اليوم الواحد، بل كان يكتري دكاكين الورَّاقين ويبيت فيها للقراءة والنَّظر ويورد ياقوت الحموي قولاً لأبي هفَّان ـ وهو من معاصريه ومعاشريه ـ يدلُّ على مدى نَهَمِ الجاحظ بالكتب، يقول فيه: «لم أر قطُّ ولا سمعت من أحبَّ الكتب والعلوم أكثر من الجاحظ، فإنَّه لم يقع بيده كتاب قَطُّ إلا استوفى قراءته كائناً ما كان»ولا عَجَبَ إذ ذاك في أن يُفْرِد الصَّفحات الطِّوال مرَّات عدَّة في كتبه، للحديث عن فوائد الكتب وفضائلها ومحاسنها. والحقُّ أنَّه «كان أشبه بآلة مصوِّرةٍ، فليس هناك شيءٌ يقرؤه إلاَّ ويرتسم في ذهنه، ويظلُّ في ذاكرته آماداً متطاوله».‏

ولكن الجاحظ لم يقصر مصادر فكره ومعارفه على الكتب، وخاصَّةً أنَّ ذلك عادةٌ مذمومةٌ فيما أخبرنا هو ذاته وأخبرنا كثيرون غيره، إذ العلم الحقُّ لا يؤخذ إلا عن معلم، فتتلمذ على أيدي كثيرٍ من المعلمين العلماء واغتنى فكره من اتصاله بهم، وهو وإن لم يتَّفق مع بعضهم أو لم يرض عن فكرهم فإنَّهُ أقرَّ بفضل الجميع ونقل عنهم وذكرهم مراراً بين طيات كتبه.‏

لقد تكوَّنَتْ لدى الجاحظ ثقافةٌ هائلةٌ ومعارفُ طائلةٌ عن طريق «التحاقه بحلقات العلم المسجديَّة التي كانت تجتمع لمناقشة عددٍ كبيرٍ وواسعٍ من الأسئلة، وبمتابعة محاضرات أكثر الرِّجال علماً في تلك الأيَّام، في فقه اللغة وفقه النَّحو والشِّعر، وسرعان ما حصَّل الأستاذيَّة الحقيقيَّة في اللغة العربيَّة بوصفها ثقافةً تقليديَّة، وقد مَكنَّهُ ذكاؤُه الحادُّ من ولوج حلقات المعتزلة حيث المناقشات الأكثر بريقاً، والمهتمَّة بالمشكلات الَّتي تواجه المسلمين، وبالوعي الإسلامي في ذلك الوقت»‏

ونظراً لسعة علمه وكثرة معارفه وَصَفَهُ ابن يزداد بقوله: «هو نسيج وَحْدِهِ في جميع العلوم؛ علم الكلام، والأخبار، والفتيا، والعربيَّة، وتأويل القرآن، وأيَّام العرب، مع ما فيه من الفصاحة».‏

وإن كان معاصرو الجاحظ من العلماء، على موسوعيَّة ثقافتهم، أقرب إلى التَّخصص بالمعنى المعاصر، فإن «تردُّد الجاحظ على حلقات التَّدريس المختلفة قد نجَّاه من عيب معاصريه ذوي الاختصاص الضَّيِّقِ. فهو بدرسه العلوم النقليَّة قد ارتفع فوق مستوى الكُتَّاب ذوي الثَّقافة الأجنبيَّة في أساسها القليلة النَّصيب من العربيَّة وغير الإسلاميَّة البتَّة»، ولذلك «لم يكتف بالتردُّد على أوساطٍ معيَّنةٍ بغية التَّعمق في مادَّة اختارها بل لازمَ كلَّ المجامع، وحضر جميع الدُّروس، واشترك في مناقشات العلماء المسجديين، وأطال الوقوف في المربد ليستمع إلى كلام الأعراب، ونضيف إلى جانب هذا التكوين، الذي لم يعد لـه طابع مدرسي محدود، المحادثات التي جرت بينه وبين معاصريه وأساتيذه في مختلف المواضيع»‏

أما أساتذة الجاحظ الذين تتلمذ عليهم وَرَوَى عنهم في مختلف العلوم والمعارف فهم كثيرون جدًّا، وهم معظم علماء البصرة إبَّان حياته، المظنون أنَّ الجاحظ لم ينقطع عن حضور حلقاتهم. ولكنَّ مترجميه يكتفون بقائمةٍ صغيرةٍ منهم غالباً ما تقتصر على العلماء الأَجِلَّة المشهورين. ومهما يكن من أمر، وبناءً على بعض المصادر، نستطيع القول: إنَّ أهمَّ هؤلاء الأساتذة هم"‏



ـ في ميدان علوم اللغة والأدب والشِّعر والرِّواية: أبو عبيدة معمر بن المثنَّى التميمي والأصمعي وأبو زيد بن أوس الأنصاري ومحمد بن زياد بن الأعرابي وخلف الأحمر وأبو عمرو الشَّيباني وأبو الحسن الأخفش وعلي بن محمد المدائني.‏

ـ في علوم الفقه والحديث: أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي ويزيد بن هارون والسري بن عبدويه والحجَّاج بن محمد بن حماد بن سلمه بالإضافة إلى ثمامة بن الأشرس الذي لازمه الجاحظ في بغداد.‏

ـ في الاعتزال وعلم الكلام: أبو الهذيل العلاَّف والنَّظَّام ومويس بن عمران وضرار بن عمر والكندي وبشر بن المعتمر الهلالي وثمامة بن أشرس النُّميري. وأحمد بن حنبل الشيباني.‏

وثَمَّةَ علماء ومفكرون آخرون لا تقلُّ أهمِّيَّتهم عن هؤلاء، والجاحـظ ذاته لم يَغفل عن ذكر معظمهم.‏

وإذا ما أضفنا إلى ذلك أصالة الجاحظ ونبوغه وألمعيَّته واتِّقاد قريحته، وجليل إسهامه وإبداعاته وجدناه يستحقُّ بجدارةٍ كاملةٍ كلَّ ما قاله فيه مريدوه ومحبُّوه والمعجبون به من تقريظاتٍ ساحرةٍ باهرةٍ، تكاد تبدو لمن لم يطَّلع على آثار الجاحظ وحياته وفكره أنَّها محض مبالغات. ومما أورده ياقوت الحموي، ويوجز فيه لنا ما سبق بلفظٍ أنيقٍ وتعبيرٍ رشيقٍ قولـه: «أبو عثمان الجاحظ، خطيبُ المسلمين، وشيخُ المتكلِّمين، ومَدْرَهُ المتقدمين والمتأخِّرين. إن تكلَّم حكى سحبان في البلاغة، وإن ناظر ضارع النَّظَّام في الجدال، وإن جدَّ خرج في مسك عامر بن عبد قيس، وإن هَزَلَ زاد على مزبد، حبيب القلوب، ومزاج الأرَّواح، وشيخ الأدب، ولسان العرب، كتبه رياضٌ زاهرةٌ، ورسائله أفنانٌ مثمرةٌ، ما نازعه منازعٌ إلا رشاه أنفاً، ولا تعرَّض لـه منقوصٌ إلا قدَّم لـه التَّواضع استبقاءً. الخلفاء تعرفه، والأمراء تصافيه وتنادمه، والعلماء تأخذ عنه، والخاصَّة تسلِّم له، والعامَّة تحبُّه. جَمَعَ بَيْنَ اللسان والقلم، وبَيْنَ الفطنة والعلم، وبين الرأي والأدب، وبين النثر والنظم، وبين الذكاء والفهم، طال عمره، وفشت حكمته، وظهرت خلَّته، ووطئ الرِّجال عقبه، وتهادوا أدبه، وافتخروا بالانتساب إليه".‏

فلسـفته والاعتزال‏

تلاقحت في ذهن الجاحظ أصالته المبدعة وقريحته المتَّقدة مع غزارة المعارف والآداب والعلوم التي استقاها من مناهل متعدِّدة الجوانب ومتباينة الاتِّجاهات، وأثمرت رؤيةً جاحظيَّةً، لمختلف هذه المعارف والآداب والعلوم. ولو أردنا تتبع كلَّ جوانب أصالته ومواقفه من كلِّ ما ذكرناه لطال بنا الأمر كثيراً وخرجنا عن صلب بحثنا، ولذلك سَنُعْرِضُ عن كثيرٍ من الجزئيات والأعراض، ونقتصر قَدْرَ المستطاع على أهمِّ ما امتازَ بهِ مَنْحَى الجاحظ الفكري والفلسفي وأَبْيَنِهِ.‏

صحيحٌ أنَّ للفلسفة تعريفاتٍ متباينةً متباعدةً إلا أنَّ هذا الانشعاب ليس افتراقاً من غير ملتقى، ولا تنافراً من غيرما تجاذبٍ، وإنَّما ثَمَّةَ محاور محدَّدة تنتظم حولها كلُّ التَّعريفات مهما تباعدت مراميها وألفاظها المعبرة عنها. والحقُّ أنَّه وإن لم يدرج مؤرخو الفلسفة على إدراج الجاحظ ضمن الفلاسفة فإنَّهُ ليس من العسير وصفه بالفيلسوف الملهم إلا إذا أصررنا على التَّعامل مع الفلسفة التَّعامل النَّمطي الذي يمحو أيَّ إسهامٍ للعرب في الفلسفة. بل حَتَّى لو تعاملنا مع الفلسفة التَّعاملَ النَّمطيَّ الذي فرضه التَّأريخ الغربيُّ للتَّفلسف من خلال المعايير الغربيَّة فإنَّنا غير عاجزين عن تلمس ما يفسح في المجال بَيْنَ مقاعد الفلاسفة لمقعد جاحظيٍّ.‏

وعلى أيِّ حالٍ لن نحاور أو نداور لعدِّ الجاحظ فيلسوفاً أَو لدحض مزاعم من يريدون إخراجه من قاعة الفلاسفة، فليس في ذلك أيَّةُ مشكلةٍ، لأنَّنا لا نستطيع أن ننكر البتَّة أنَّ الجاحظ قدَّم قراءاتٍ وأفكاراً فلسفيَّةً مهمَّةً وأغنى البحث الفلسفيَّ بمعالجاته لمختلف الموضوعات الفلسفيَّة؛ الفيزيائيَّة والميتافيزيائيَّة؛ فتحدَّث في الألوهيَّة والخلق والنبوَّة، والإنسان ومشكلاته الاجتماعيَّة والأخلاقيَّة والجماليَّة والدِّينيَّة والنَّفسيَّة... وأضفى عليها من شخصيَّته وأسلوبه رونقاً وأَلْقاً خاصًّا، ووصل إلى نتائج إمَّا قديمةٍ ولكن بأسلوبه وطريقته ومنهجه، وإمَّا جديدةٍ لم يُسبق إليها، وهذه مسألةٌ يطول البحث فيها، على أنَّنا وإن لم نجد من اضطلع بهذه المهمَّة كاملةً فإنَّ كثيرين تطرَّقوا لفكر الجاحظ وكشفوا النِّقاب عن بعض ذلك، ولذلك نأمل إمَّا أن تتاح لنا فرصة العودة إلى هذه المهمَّة أو أن ينهض غيرنا بها، لأنَّها تستحقُّ أن يبذل من أجلها جهدٌ خاصٌّ، ومهما يكن من أمر فإنَّ ما قدَّمه أبو عثمان لا يقلُّ البتَّة عمَّا قدَّمه أيُّ فيلسوفٍ، ويكفينا لتأكيد جدارة الجاحظ بلقب (فيلسوف) ما سنعرض لـه من كونه صاحب اتِّجاهٍ معتزلي، إذ المعلوم أنَّ علماء الكلام كانوا فلاسفة في إطار خصوصيَّة الفلسفة العربيَّة، هذا من دون أن ننسى منهجه الفلسفي وروحه النَّقديَّة.‏

يُعدُّ الجاحظ في رأي ج. دي بور مؤرِّخِ الفلسفة الإسلاميَّة «أعظم رجل أخرجته لنا مدرسة النَّظَّام»، ويُجمع مؤرِّخو الفِرَقِ الإسلاميَّة أمثال أبي الحسن الأشعري في كتابِه مقالات الإسلاميين، وابن المرتضى في كتابه طبقات المعتزلة، والشهرستاني في كتابه الملل والنِّحل، والمسعودي في كتابه مروج الذهب، وابن خلدون في مقدِّمته وغيرهم كثيرون من مؤرِّخي الفكر العربي والأدب العربي، على أنَّ الجاحظ أحد كبار شيوخ المعتزلة وصاحب فرقة من فرقهم هي التي دعيت
Dalikovic
Dalikovic
المدير
المدير

Nombre de messages : 554
Age : 36
Réputation : 0
Points : 2147489415
Date d'inscription : 06/02/2009

https://tunisia.catsboard.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجاحظ Empty المنزع العقلي عند الجاحظ 2

مُساهمة من طرف Dalikovic الأحد 1 مارس - 20:18

المنزع العقلي عند الجاحظ 2
التّشدد و التّثبت النوم؟"
4 - أنواع الحجج و طرائق الاستدلال :
أ – أهمّ طرائق الاستدلال :
- أسلوب التّصنيف و التّبويب :
و هو أسلوب يعكس حرصا على التّدقيق و الاستقصاء في تتبّع المفاهيم، و نمذجة الموجودات ضمن أبواب و أصناف، أو أنواع و أجناس، و جدولة الظواهر الطبيعية حسب خصائصها المائزة و الجامعة، و سماتها المفرقة و المؤلفة، كما يدل على جهد عقلي يرمي الى توضيح الغامض منها و تفسير المحمول منهاعلى جهة العموم او التشابه او الخلط. و مثل هذا الاسلوب يصدفنا في مواضع عدة من الحيوان نذكر منها هلى جهة التمثيل قوله في تقسيم مخلوفات العالم: "و أقول:إنّ العالم بما فيه من الأجسام على ثلاث أنحاء: متّفق و مختلف، و متضاد . و كلها في جملة القول: جماد، و نام (...) و الحيوان على أربعةأقسام: شيء يمشي و شيء يطير و شيء ينساح . إلاّ أنّ كل طائر يمشي، و ليس الذي يمشي و لا يطير يسمى طائرا. و النوع الذي يمشي على اربعة اقسام: الناس ، و بهائم، و سباع و حشرات (...) و الطير كل : سبع، و بهيمة، و همج . و السباع من الطير على ضربين: فمنها العتاق، و الأحرار، و الجوارح، و منها البغاث، و هو كل ما عظم من الطّير سبعا كان او بهيمة (...) و اسم طائر يقع على ثلاث اشياء: صورة و طبيعة و جناح... الخ .
- الاسلوب الرّياضي و الاستدلال المنطقي :
يخصّ هذا الأسلوب طريقة في النظر إلى الظّاهرة الواحدة، و تحليلها تحليلا قائما على منطق رياضي يتدرج من العام الى الخاص، و من الإجمال إلى التّفصيل، وصولا الى ضبط تقنين نهائي للمفهوم المتشعّب، باعتماد آلية الاستدلال المنطقي من قبيل هذا المثال: "و وجدنا كون العالم فيه حكمة. و وجدنا الحكمة على ضربين: شيء جعل حكمة و هو لا يعقل الحكمة، و لا عاقبة الحكمة . و شيء جعل حكمة و هو يعقل الحكمة و عاقبة الحكمة. فاستوى بذلك الشيء العاقل و غير العاقل في جهة الدّلالة على أنّه حكمة، و اختلفنا من جهة أنّ أحدهما دليل لا يستدل ، و الأخر يستد ل. فكل مستدلّ دليل، و ليس كل دليل مستدلا ". و يبدو تأثير الأسلوب الفلسفي واضحا من خلال هذا المثال، و تحديدا تأثير منهج المظر ألمعتزلي و منطق الاستدلال الذي قام عيه علم الكلام الشائع جدا في ذلك العصر .
- المنطق الجدلي الحجاجي:
هو نظام فكري ينظر في المعرفة من مختلف جوانبها، و يقلّبها على وجوهها المختلفة و يجمع الأضداد ليصل من خلالها إلى القانون المتحكّم في الظّاهرة موضوع النّظر، و يحاور الآراء المخالفة و يناقشها ليتبين مدى صدقها من ضعفها و هو "يورد الفكرة و نقيضها و يحتج لهذه كما يحتج لتلك، و يستقصي الشيء و ضدّه، و كل ذلك إنعكاس لغلبة علم الكلام عليه".
و هو أبرز الأساليب المعتمدة في جميع مؤلفات الجاحظ . وربما مرجع ذلك الى تاثره بما ضجّت به الحياة العقلية آنذاك من اشتغال بالفلسفة و علم الكلام إضافة إلى تأثّره بمنهج المعتزلة و فكرهم وقد كان منهم .
القياس (مقدمة كبرى- مقدمة صغرى- نتيجة).
و القياس أنواع، فمنه النّاقص ، و منه المركب ، و الفصلي ، و الأقرن ( و هو قياس ذو حدّين أو ذو قضيّتين، و لكنهما يخلصان الى نتيجة واحدة ) . و من أمثلة القياس قوله :" لو تركهم و أصل الطّبيعة ، مع ما مكّن لهم من الأرزاق المشتهاة من طبائعهم ، صاروا إلى طاعة الهوى، و ذهب التّعاطف و التبار "،
الحجاج بالحذف (أو التفكير بالاستعباد ):
و هو الأسلوب الذي يطلق عليه كذلك "الترسّبات " ، و هو قريب مما يعرف في المنطق "بطريقة البواقي"و يتمثّل في فحص تأويلات أو حلول ممكنة متعدّدة ثم استبعاد الخاطئ منها واحدا بعد آخر حتّى الانتهاء الى تأويل أو حل أخير لا يقبل التخطئة و يحكم بصحّته أو استبعاد ما يعرف سببه منها واحدا بعد آخر حتى يكتشف ما لم يكن سببه معروفا . و لعلّ من أشباهه عند الجاحظ ما نجده في بحثه عن الذّباب الذي يعلق بستارة الباب : هل هو نائم أم يقظ ، و هو أنموذج واضح للتفكير بالبدائل و التفكير العرضي .
إذ يقول:" فإن كانت لا تنام البتة ..فهذا أعجب .... أن تكون أمّة من أمم الحيوان لا تعرف النّوم و لا تحتاج اليه ، و إن كانت تنام ... فما تخلو أن تكون قابضة على مواضع قوائمها ، ممسكة بها ، أو تكون مرسلة لها ، فكيف لم تسقط ، و هي أثقل من الهواء ؟ و إن كانت ممسكة بها، فكيف يجامع التّشدد و التّثبت النوم؟"
Dalikovic
Dalikovic
المدير
المدير

Nombre de messages : 554
Age : 36
Réputation : 0
Points : 2147489415
Date d'inscription : 06/02/2009

https://tunisia.catsboard.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجاحظ Empty الجاحظ و ما ادراك ماالجاحظ

مُساهمة من طرف Dalikovic الأحد 1 مارس - 20:19

الالجاحظ و ما ادراك ماالجاحظ
جاحظ من أنصار اللفظ، الذين يجعلون مدار الجودة في العمل الأدبي على اللفظ دون المعنى. ولهذا الموقف النقدي البلاغي ظاهريا دلالة سياسية في العمق تتمثل في صدوره عن حس عربي أصيل، يقصر البلاغة والبيان على الجنس العربي. وعندي أن الجاحظ هنا يرتبط بالتصور الديني لمفهوم اللفظ، فاللفظ العربي معجزة وصياغته في قوالب شكلية معجزة أيضا. وبالتالي فلا أحد بقادر على صوغ اللفظ والتلاعب به سوى الشعب العربي الذي فطر على هذه الألفاظ، وتوغلت طرق صياغتها وضروب تأليفها في حسه ووجدانه. وهذا الموقف من الجاحظ وليد إحساس بامتهان الكرامة العربية المستهدفة من قبل الزحف الشعوبي. فالجاحظ ممن توقدت فيهم الحمية العربية، فساهم في دحض تخرجات الشعوبيين الباطلة، ولم يدخر وسعا في التنويه بمكانة العنصر العربي. والجاحظ لا ينفك يؤكد أن كل شيء للعرب (…) إنما هو بديهة وارتجال. أما إذا سولت لغير العربي نفسه صياغة الألفاظ العربية فإنه لن يفلح في ذلك مهما عانت نفسه في سبيل ذلك.
وهكذا فإذا كان الجاحظ ينصب نفسه متحدثا بلسان حال العربية، والمتعصبين لها، فإن موقف عبد القاهر الذي قرر المساواة بين اللفظ والمعنى، حري بأن يعتبر رد فعل إزاء تعصب الجاحظ وتحيزه للفظ. ويجوز القول إن عبد القاهر صاغ نظرية النظم في سبيل نسف نظرة الجاحظ المتعصبة للعنصر العربي، من جهة، كما صاغها احتجاجا على قصر المزية على اللفظ، إذ يرد الاعتبار لعنصر المعنى في البلاغة عند عبد القاهر، فصار من المتاح لغير الجنس العربي أن يتعلم اللغة العربية، وأن يتضلع في بيانها وأدبها، ما دامت العبرة بائتلاف اللفظ والمعنى، وليس باللفظ وحده.

ويتمثل التحول الفكري في النظرة البلاغية، عند عبد القاهر الجرجاني في صياغة نظرة بلاغية تتجذر في أرضية الفكر الشعوري الذي عرفه زمنه. هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإن عبد القاهر لم يؤثر عليه الأسلوب اليوناني، كما أنه لم يرضخ لعنف الخطاب التقليدي المحافظ للبلاغة العربية، وذلك لمراوحته في دراسته بين مقومات الذوق العربي والتصورات العقلية التي أصبحت في زمنه وجها جديدا للفكر البلاغي العربي.
ـ ففي دلائل الإعجاز مثلا، نجد مباحث كثيرة تهتم بالقضايا الإعجازية، وجلها مقاربات حكم فيها الذوق أساسا.
ـ أما أسرار البلاغة فقد استرشد فيه عبد القاهر بمفاهيم العقل، وتصوراته، ويتضح طغيان العنصر العقلي في تناول القضايا البلاغية في هذا الكتاب كالمجاز والاستعارة مثلا.
وقد يتساءل البعض عن مصدر هذا المعطى العقلي في البلاغة عند عبد القاهر، فنجيب مقررين أن التصور العقلي للكون والإنسان واللغة سينضج في دائرة المتكلمين عند علماء المعتزلة الذين كانت أغلب محاوراتهم الفلسفية والدينية لا تبعد عن الإطار العلمي. ولما كان الاهتمام بالجدل عند المعتزلة قد شمل نواحي الفكر البلاغي، فقد صار من الطبيعي أن تزخر البلاغة على عهد عبد القاهر بالامتدادات الأدبية واللغوية لهذا التصور العقلي.
وما نصل إلى القرن السابع الهجري، حتى نجد صاحبنا حازما القرطاجني يدفع بالبلاغة العربية إلى الأمام، وذلك بتقديم تصور جديد لمفهوم البلاغة يختلف بصفة جذرية عن كامل التصورات التي سبقته في تاريخ الفكر البلاغي عند العرب. وهذا التصور عند حازم القرطاجني محكوم بنظرة فلسفية عميقة يمكن إبراز أهم ملامحها في الحديث التالي، وينبغي اعتبار هذا التفسير وجهة نظر شخصية حول المشروع البلاغي عند حازم تسعى إلى سبر أغواره الفكرية، وإجلاء عمقه النظري، ودلالته الفكرية في تاريخ البلاغة بصفة عامة. لقد لاحظ حازم ما آلت إليه البلاغة العربية من عقم فكري، ناشئ عن الاجترار، ففكر في طريق ينقذ بها مجال البلاغة عن التردي المحقق.
لاحظ حازم أن البلاغة صارت عائقا دون الشعراء والفن الأصيل، فقد أضحت تكلفهم عنتا ومشقة بدل أن تذلل السبل لهم وتروضها. تأمل حازم وضع الشعر في عصره خاصة، فألقاه قد بلغ من الانحطاط منزلة كبيرة، ومن الإسفاف الدرجة العظيمة، على ألسنة شعراء لم ينالوا قسطا من التكوين البلاغي. لاحظ حازم أن نظرة البلاغة القديمة إلى الشعر كانت جزئية، تنظر للفظ وحده، وللمعنى بعزلة عن اللفظ، وتفصل دراسة العروض عن مباحث اللفظ والمعنى. وتلافيا لمثل هذه النظرة التجزيئية دمج حازم هذه المباحث فيما بينها، فاستقام له منها جميعا علم البلاغة وعدها أساسا لقوانين الصناعة الشعرية.
نظرا لخلو الساحة النقدية والبلاغية من نموذج التصور الذي يطمح إليه حازم، عقد هذا الأخير العزم على وضع نظرية جديدة لأصول العملية الشعرية ضبطا لمعطيات العمل الشعري على كافة مستوياته الشكلية والمضمونية. ويبدو لي أن معرفة حازم بأصول المنطق قد أسعفته وقربت إليه النموذج النظري الذي طالما بحث عنه. فأنا أرجح أن يكون حازم الذي يبحث عن تصور نظري شامل، يستوعب العملية الشعرية بكافة أطرافها، ويحيطها بسياج نظري من المفاهيم والمصطلحات، قد عثر على هذا النموذج النظري الشامل في علم المنطق، فهو علم يستجيب لطموحات حازم ونزوعه نحو النظرة الجامعة المانعة.
لقد سعى حازم إلى الاقتداء بالأسلوب المنطقي في العرض النظري والتحديد التطبيقي، والتحديد المفهومي والمصطلحي، في إطار وضعه لنظرية شاملة جامعة مانعة لأصول العملية الشعرية تضاهي في أحكامها ودقتها وطاقتها الشمولية النظرة المنطقية. كما سعى حازم إلى اقتناء أدوات المنطق واستعارة تصوراته الفلسفية بغية توظيفها على الصعيد المنهجي، في سبيل إيجاد علم "منطق للأدب"، ينظم العملية الشعرية خاصة وفق أصول ومقررات سافرة الأبعاد المنطقية.
هذا المنطق الأدبي، الذي توصل حازم إلى صياغته على هدى من المنطق الفلسفي، هو علم البلاغة أو علم النقد الأدبي.ويلفتنا لفظ (علم) الذي قرنه حازم بالبلاغة في إطار مركب إضافي تصير البلاغة بموجبه علما، تتحقق فيه صفة العملية التي تميزها في نظره عن البلاغة القديمة. فحازم فيما أرى قد شعر بأن إحاطة البلاغة بسياج منطقي خليق بأن يرقى بالبلاغة إلى مستوى العلم، وأن يقصيها عن دائرة البحوث اللغوية والنقدية الهجينة غير المحددة تحديدا منطقيا صارما كما هي الحال بخصوص البلاغة عند حازم. فالعلم عنده هو الوعي النظري بالصفات الثابتة في موضوع معين محدد الأطراف، والمختص بمنهجية مرسومة المعالم. والبلاغة عند حازم هي علم لأنها علم لسان كلي على حد تعبيره، (منشأ على أصول منطقية وآراء فلسفية). ولو بحثنا عن المؤثرات الفكرية العامة التي هدت حازما إلى هذا التصور الشمولي لعلم البلاغة لوجدنا بعضها ماثلا في خصوبة الفكر الفلسفي على عهد حازم في المدرسة المغربية التي كانت تتخصص في الفلسفة اليونانية التي استغرقت جل شروحها وتلخيصاتها. وقد استقطب المنطق اليوناني اهتمام مثقفي عصر حازم بشكل ملحوظ جدا، وكان من الطبيعي أن نلقى أثر ذلك في تصور حازم لموضوع البلاغة، إذ صيرها علما منطقيا للأدب.
Dalikovic
Dalikovic
المدير
المدير

Nombre de messages : 554
Age : 36
Réputation : 0
Points : 2147489415
Date d'inscription : 06/02/2009

https://tunisia.catsboard.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجاحظ Empty بحث عن الجاحظ

مُساهمة من طرف Dalikovic الأحد 1 مارس - 20:21

بحث عن الجاحظ
.


Dalikovic
Dalikovic
المدير
المدير

Nombre de messages : 554
Age : 36
Réputation : 0
Points : 2147489415
Date d'inscription : 06/02/2009

https://tunisia.catsboard.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجاحظ Empty بحث عن الجاحظ

مُساهمة من طرف Dalikovic الأحد 1 مارس - 20:30

Dalikovic
Dalikovic
المدير
المدير

Nombre de messages : 554
Age : 36
Réputation : 0
Points : 2147489415
Date d'inscription : 06/02/2009

https://tunisia.catsboard.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى